سورة لقمان - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (لقمان)


        


قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ} أتم وأكمل، {نِعَمَه} قرأ أهل المدينة، وأبو عمرو، وحفص: {نعَمهُ} بفتح العين وضم الهاء على الجمع، وقرأ الآخرون منونة على الواحد، ومعناها الجمع أيضا كقوله: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} [إبراهيم- 14]، {ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} قال عكرمة عن ابن عباس: النعمة الظاهرة: الإسلام والقرآن، والباطنة: ما ستر عليك من الذنوب ولم يعجل عليك بالنقمة وقال الضحاك: الظاهرة: حسن الصورة وتسوية الأعضاء، والباطنة: المعرفة. وقال مقاتل: الظاهرة: تسوية الخلق، والرزق، والإسلام. والباطنة: ما ستر من الذنوب. وقال الربيع: الظاهرة بالجوارح، والباطنة: بالقلب. وقيل: الظاهرة: الإقرار باللسان، والباطنة: الإعتقاد بالقلب. وقيل: الظاهرة: تمام الرزق والباطنة: حسن الخلق. وقال عطاء: الظاهرة: تخفيف الشرائع، والباطنة: الشفاعة.
وقال مجاهد: الظاهرة: ظهور الإسلام والنصر على الأعداء، والباطنة: الإمداد بالملائكة. وقيل: الظاهرة: الإمداد بالملائكة، والباطنة: إلقاء الرعب في قلوب الكفار. وقال سهل بن عبد الله: الظاهرة: اتباع الرسول، والباطنة: محبته. {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} نزلت في النضر بن الحارث، وأُبيّ بن خلف، وأُمية بن خلف، وأشباههم كانوا يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم في الله وفي صفاته بغير علم، {وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ}.


{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} قال الله عز وجل: {أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} وجواب {لو} محذوف، ومجازه: يدعوهم فيتبعونه، يعني: يتبعون الشيطان وإن كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير. {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ} يعني: لله، أي: يخلص دينه لله، ويفوض أمره إلى الله، {وَهُوَ مُحْسِنٌ} في عمله، {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} أي: اعتصم بالعهد الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه، {وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ} {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا} أي: نمهلهم ليتمتعوا بنعيم الدنيا قليلا إلى انقضاء آجالهم، {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ} ثم نلجئهم ونردهم في الآخرة، {إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} عذاب النار. {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ}.


{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} قوله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} الآية. قال المفسرون: نزلت بمكة، قوله سبحانه وتعالى: {ويسئلونك عن الروح}، إلى قوله: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} [الإسراء- 85]، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا: يا محمد، بلغنا عنك أنك تقول: {وما أوتيتم من العلم إلى قليلا} أفعنيتنا أَمْ قومَك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: كُلا قد عنيت، قالوا: ألست تتلوا فيما جاءك أنا أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي في علم الله قليل وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم»، قالوا: يا محمد كيف تزعم هذا وأنت تقول: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة – 269]، فكيف يجتمع هذا علم قليل وخير كثير؟ فأنزل الله هذه الآية.
قال قتادة: إن المشركين قالوا: إن القرآن وما يأتي به محمد يوشك أن ينفد فينقطع، فنزلت: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ}، أي: بريت أقلامًا، {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} قرأ أبو عمرو ويعقوب: {والبحرَ} بالنصب عطفا على {ما}، والباقون بالرفع على الاستئناف {يَمُدُّهُ} أي: يزيده، وينصب فيه {مِنْ بَعْدِهِ} خلفه، {سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} وفي الآية اختصار تقديره: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر يكتب بها كلام الله ما نفدت كلمات الله. {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وهذه الآية على قول عطاء بن يسار مدنية، وعلى قول غيره مكية، وقالوا: إنما أمر اليهود وفد قريش أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولوا له ذلك وهو بعدَ بمكة، والله أعلم.

1 | 2 | 3 | 4